responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 309
شَيْئًا فَكَيْفَ يَصِحُّ عَلَى الْعَدَمِ الْحُكْمُ بِالْوُجُودِ، وَأَجَابَ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ. بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ يَعْنِي كَمَا خَلَقَ الْإِنْسَانَ وَلَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا كَذَلِكَ يُعِيدُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْئًا مَذْكُورًا وَثَانِيهَا: أَنَّ مَنْ تَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهُ فِي مَشَارِقِ الْعَالَمِ وَمَغَارِبِهِ وَصَارَ بَعْضُهُ فِي أَبْدَانِ السِّبَاعِ وَبَعْضُهُ فِي جُدْرَانِ الرِّبَاعِ كَيْفَ يُجْمَعُ؟ وَأَبْعَدُ مِنْ هَذَا هُوَ أَنَّ إِنْسَانًا إِذَا أَكَلَ إِنْسَانًا وَصَارَ أَجْزَاءُ الْمَأْكُولِ فِي أَجْزَاءِ الْآكِلِ فَإِنْ أُعِيدَ فَأَجْزَاءُ الْمَأْكُولِ، إِمَّا أَنْ تُعَادَ إِلَى بَدَنِ الْآكِلِ فَلَا يَبْقَى لِلْمَأْكُولِ أَجْزَاءٌ تُخْلَقُ مِنْهَا أَعْضَاؤُهُ، وَإِمَّا أَنْ تُعَادَ إِلَى بَدَنِ الْمَأْكُولِ مِنْهُ فَلَا يَبْقَى لِلْآكِلِ أَجْزَاءٌ. فَقَالَ تَعَالَى فِي إِبْطَالِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ: وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ وَوَجْهُهُ هُوَ أَنَّ فِي الْآكِلِ أجزاء أصلية وأجزاء فضلية، وفي المأكول هي ما كان له قبل الأكل. وَهُوَ بِكُلِّ/ خَلْقٍ عَلِيمٌ يَعْلَمُ الْأَصْلِيَّ مِنَ الْفَضْلِيِّ فيجمع الأجزاء الأصلية للآكل وينفخ فيها روحه ويجمع الْأَجْزَاءَ الْأَصْلِيَّةَ لِلْمَأْكُولِ وَيَنْفُخُ فِيهَا رُوحَهُ، وَكَذَلِكَ يَجْمَعُ الْأَجْزَاءَ الْمُتَفَرِّقَةَ فِي الْبِقَاعِ، الْمُبَدَّدَةِ فِي الْأَصْقَاعِ بِحِكْمَتِهِ الشَّامِلَةِ وَقُدْرَتِهِ الْكَامِلَةِ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى عَادَ إِلَى تَقْرِيرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ دفع استبعادهم وإبطال إنكارهم وعنادهم. فقال تعالى:

[سورة يس (36) : آية 80]
الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80)
وَوَجْهُهُ هُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ مُشْتَمِلٌ عَلَى جِسْمٍ يُحِسُّ بِهِ وَحَيَاةٍ سَارِيَةٍ فِيهِ، وَهِيَ كَحَرَارَةٍ جَارِيَةٍ فِيهِ فَإِنِ اسْتَبْعَدْتُمْ وُجُودَ حَرَارَةٍ وَحَيَاةٍ فِيهِ فَلَا تَسْتَبْعِدُوهُ، فَإِنَّ النَّارَ فِي الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ الَّذِي يَقْطُرُ مِنْهُ الْمَاءُ أَعْجَبُ وَأَغْرَبُ وَأَنْتُمْ تَحْضُرُونَ حَيْثُ مِنْهُ تُوقِدُونَ، وَإِنِ اسْتَبْعَدْتُمْ خَلْقَ جِسْمِهِ فَخَلْقُ السموات وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ أَنْفُسِكُمْ فَلَا تَسْتَبْعِدُوهُ فإن الله خلق السموات وَالْأَرْضَ فَبَانَ لُطْفُ قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ.

[سورة يس (36) : آية 81]
أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (81)
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ قُدِّمَ ذِكْرُ النَّارِ فِي الشَّجَرِ عَلَى ذِكْرِ الْخَلْقِ الْأَكْبَرِ، لِأَنَّ اسْتِبْعَادَهُمْ كَانَ بِالصَّرِيحِ وَاقِعًا عَلَى الْإِحْيَاءِ حيث قالوا: مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ [يس: 78] وَلَمْ يَقُولُوا مَنْ يَجْمَعُهَا وَيُؤَلِّفُهَا وَالنَّارُ فِي الشَّجَرِ تُنَاسِبُ الْحَيَاةَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ فِي الْقُدْرَةِ كَامِلٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الْعَلِيمُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ عِلْمَهُ شامل. ثم أكد بيانه بقوله تعالى:

[سورة يس (36) : آية 82]
إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)
وَهَذَا إِظْهَارُ فَسَادِ تَمْثِيلِهِمْ وَتَشْبِيهِهِمْ وَضَرْبِ مَثَلِهِمْ حَيْثُ ضَرَبُوا لِلَّهِ مَثَلًا وَقَالُوا لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى مِثْلِ هَذَا قِيَاسًا لِلْغَائِبِ عَلَى الشَّاهِدِ فَقَالَ فِي الشَّاهِدِ الْخَلْقُ يَكُونُ بِالْآلَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَالِانْتِقَالَاتِ الْمَكَانِيَّةِ وَلَا يَقَعُ إِلَّا فِي

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 309
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست